الاكتئاب الموسمي، المعروف أيضًا باضطراب العاطفة الموسمي (Seasonal Affective Disorder – SAD)، هو نوع من أنواع الاكتئاب الذي يظهر في مواسم معينة، خاصةً خلال فصلي الخريف والشتاء.
يؤثر هذا الاضطراب على ملايين الأشخاص حول العالم، ويعتبر من الحالات التي تتطلب فهماً دقيقاً وتدخلات علاجية فعّالة.
في هذا المقال، سنتناول أسباب الاكتئاب الموسمي وأعراضه، ونسلط الضوء على أفضل طرق العلاج المتاحة للمساعدة في تحسين جودة حياة المصابين.
ما هو الاكتئاب الموسمي؟
يعد الاكتئاب الموسمي نوعاً فرعياً من الاكتئاب يتميز بظهوره الدوري، حيث يعاني الشخص من أعراض الاكتئاب بشكل رئيسي خلال الأشهر التي تفتقر إلى الضوء الطبيعي، مثل فصل الشتاء.
يرتبط هذا النوع من الاكتئاب بتغيرات موسمية، ويختفي غالباً في الفصول ذات الأيام الأطول والإضاءة الطبيعية القوية.
تتأثر النساء بهذا الاضطراب أكثر من الرجال، ويظهر عادةً في المرحلة العمرية بين العشرينات والثلاثينات، لكنه قد يؤثر على الأشخاص في أي عمر.
أسباب الاكتئاب الموسمي
يرتبط الاكتئاب بمجموعة من العوامل، منها:
نقص ضوء الشمس الطبيعي
يؤدي قصر مدة النهار في فصل الشتاء إلى انخفاض مستوى التعرض لأشعة الشمس، مما يؤثر على إنتاج الدماغ للهرمونات المسؤولة عن تحسين المزاج، مثل السيروتونين والميلاتونين.
التغيرات الهرمونية
تؤثر قلة التعرض للضوء الطبيعي على إنتاج هرمون السيروتونين، الذي يساعد في تنظيم المزاج.
كما أن اضطراب دورة النوم بسبب انخفاض مستويات هرمون الميلاتونين يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
عوامل جينية
و تشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الاكتئاب قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب، حيث تلعب الجينات دوراً في استجابة الجسم لتغيرات الضوء الطبيعي.
أعراض الاكتئاب الموسمي
تشمل أعراض ما يلي:
- الشعور بالحزن المستمر: يشعر المصابون بمزاج سيء ومستمر، مع فقدان الرغبة في الأنشطة اليومية.
- التعب والإرهاق: يعاني المصابون من شعور بالتعب العام والإرهاق، حتى عند القيام بالأنشطة البسيطة.
- الشهية المتزايدة للسكريات والكربوهيدرات: يلاحظ أن المصابين به يشعرون برغبة ملحة لتناول الأطعمة الغنية بالكربوهيدرات، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى زيادة الوزن.
- مشاكل في النوم : يزداد معدل النوم والرغبة في النوم لفترات طويلة، لكن الشخص لا يشعر بالراحة حتى بعد النوم.
- صعوبة التركيز : يصعب على المصابين التركيز أو إتمام المهام اليومية بكفاءة.
- الانسحاب الاجتماعي: يميل الأفراد إلى العزلة، ويبتعدون عن التجمعات والأنشطة الاجتماعية.
تشخيص الاكتئاب الموسمي
لتشخيصه يقوم الطبيب النفسي بجمع المعلومات حول الأعراض والتاريخ الطبي للشخص.
قد يتطلب التشخيص الدقيق مراقبة الأعراض على مدى سنتين على الأقل للتأكد من تكرارها خلال موسم معين فقط، دون ظهورها في الفصول الأخرى.
علاج الاكتئاب الموسمي
هناك عدة طرق علاجية فعّالة لعلاج الاكتئاب الموسمي، نذكر منها:
العلاج بالضوء
يعتبر العلاج بالضوء من العلاجات الأكثر شيوعاً وفعالية في حالات الاكتئاب الموسمي.
ويتمثل هذا العلاج في التعرض لضوء ساطع يحاكي ضوء الشمس، ويستخدم عادةً في الصباح لمدة 20-30 دقيقة يومياً.
يساعد العلاج بالضوء على تحفيز إنتاج السيروتونين وتنظيم إفراز الميلاتونين، مما يقلل من الأعراض ويحسن المزاج.
العلاج السلوكي المعرفي (CBT)
يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي من العلاجات النفسية التي تهدف إلى مساعدة المصابين في إدارة الأفكار السلبية وتطوير استراتيجيات للتعامل مع الأعراض.
يركز هذا العلاج على تغيير الأفكار والمعتقدات غير المفيدة التي قد تزيد من شدة الاكتئاب.
الأدوية المضادة للاكتئاب
حيث تلعب الأدوية المضادة للاكتئاب دور هام في علاج الاكتئاب الموسمي، خاصة في الحالات الشديدة.
تُستخدم هذه الأدوية لتحسين مستويات السيروتونين في الدماغ، مما يساعد على تخفيف الأعراض ويُفضل استشارة الطبيب النفسي لتحديد الجرعة ونوع الدواء الأنسب.
التغييرات في نمط الحياة
- النشاط البدني: تساعد ممارسة التمارين الرياضية على تحسين المزاج وزيادة إنتاج الهرمونات المسؤولة عن السعادة.
- التعرض لضوء الشمس: يعد التعرض لأشعة الشمس في أوقات النهار من الطرق الطبيعية التي يمكن أن تخفف من أعراض الاكتئاب.
- النظام الغذائي المتوازن: تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة، مثل الفواكه والخضروات والبروتينات، يساعد على تحسين الحالة المزاجية.
نصائح للوقاية من الاكتئاب الموسمي
- زيادة التعرض لضوء النهار: حاول قدر الإمكان قضاء وقت خارج المنزل في أوقات النهار.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: تساعد التمارين الرياضية على تحسين مستويات الطاقة وتقليل التوتر.
- الالتزام بروتين نوم منتظم: من المهم النوم والاستيقاظ في أوقات محددة لتنظيم دورة النوم والمساعدة في تحسين المزاج.
الخاتمة
الاكتئاب الموسمي هو حالة شائعة تصيب العديد من الأشخاص خلال فصلي الخريف والشتاء، ولكنه قابل للعلاج.
و يتطلب التعامل معه مزيجاً من الوعي بالعوامل المؤثرة والعلاجات المتاحة، سواء من خلال العلاج بالضوء أو الأدوية أو الدعم النفسي.
باتباع إرشادات الوقاية وطلب المساعدة الطبية عند الحاجة، يمكن للأفراد التغلب على الاكتئاب وتحقيق توازن صحي نفسي مستمر خلال الفصول المتغيرة.
